مصر والولايات المتحدة تتفقان على ضرورة إنهاء التدخلات الأجنبية في ليبيا

في سياق تتعالى فيه الدعوات إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اجتماعه مع المبعوث الأمريكي لليبيا ريتشارد نورلاند، على أهمية إنهاء جميع أشكال التدخل الأجنبي في الأراضي الليبية. الاجتماع الذي عقد في 20 سبتمبر 2024 في واشنطن، يأتي في ظل تحركات دبلوماسية مكثفة تهدف إلى إيجاد حل شامل ومستدام للأزمة الليبية التي طال أمدها، والتي عرقلت سبل التنمية والاستقرار في البلاد.

مصر تتبنى الحل الليبي الليبي

شدد وزير الخارجية المصري على أن الدور المصري في الأزمة الليبية ينطلق من التزام أخلاقي وتاريخي تجاه الليبيين. العلاقات الوثيقة التي تجمع البلدين، من جغرافيا متقاربة وروابط تاريخية قوية، تمنح مصر مسؤولية خاصة في الدفع باتجاه حل داخلي ليبي بعيد عن التدخلات الخارجية. وفي إطار ذلك، أكد عبد العاطي أن مصر مستمرة في دعم مسار “الحل الليبي الليبي”، الذي يقوم على تمكين الليبيين من تحديد مصيرهم بأنفسهم دون أي تدخل خارجي.

يظل اتفاق الصخيرات الموقع في عام 2015 مرجعية أساسية في رؤية مصر للحل السياسي في ليبيا، حيث شدد عبد العاطي على ضرورة احترام هذا الاتفاق كقاعدة للحوار الوطني الليبي. مع استمرار التأزم السياسي في ليبيا وظهور مظاهر انقسام بين الشرق والغرب، يعد اتفاق الصخيرات الركيزة الأساسية التي تجمع الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة، من أجل بناء دولة موحدة ومستقرة.

خروج القوات الأجنبية شرط لاستقرار ليبيا

من النقاط الأساسية التي أثيرت خلال الاجتماع كانت مسألة القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب، والتي تشكل عاملًا رئيسيًا في تعقيد الأزمة الليبية. أكد عبد العاطي ضرورة خروج جميع هذه القوات والمرتزقة من الأراضي الليبية في مدى زمني محدد، معتبرًا أن تواجدها يعرقل جهود الحل الوطني ويمثل انتهاكًا لسيادة الدولة الليبية.

تحتل ليبيا موقعًا جيوسياسيًا حساسًا، ما جعلها محورًا لتدخلات أجنبية متعددة، سواء من قوى إقليمية أو دولية، سعياً لتحقيق مصالح استراتيجية أو اقتصادية. هذه التدخلات أدت إلى تعميق الانقسام الداخلي وزادت من تعقيد الأزمة. خروج القوات الأجنبية، بما في ذلك المرتزقة والمقاتلين الأجانب، سيشكل خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار واستعادة السيادة الوطنية.

الانتخابات: خطوة نحو الاستقرار

على صعيد آخر، شدد عبد العاطي على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا بشكل متزامن. هذا الإجراء يمثل ركيزة أساسية نحو استعادة الشرعية السياسية في ليبيا وتحقيق التحول الديمقراطي. لقد كانت الدعوة إلى الانتخابات مطلبًا دوليًا متزايدًا في السنوات الأخيرة، حيث يُعتبر تحقيق انتخابات نزيهة وشفافة شرطًا أساسيًا لإنهاء الأزمة السياسية وإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية.

بالإضافة إلى ذلك، نوه الوزير إلى أهمية الدور المصري في دعم المؤسسات الليبية، وخاصة في التحضير للانتخابات. يرى عبد العاطي أن نجاح الانتخابات يعتمد على قدرة ليبيا على تجاوز الانقسامات الداخلية والاتفاق على قواعد اللعبة الديمقراطية، وهو ما يتطلب دعمًا إقليميًا ودوليًا مكثفًا لضمان سلامة وشفافية العملية الانتخابية.

آفاق مستقبلية للحل الليبي

التحركات المصرية والأمريكية تأتي في إطار جهود أوسع لإعادة ليبيا إلى مسار الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية. ورغم أن التحديات القائمة لا تزال كبيرة، إلا أن الاجتماعات الدبلوماسية المكثفة، مثل اجتماع عبد العاطي ونورلاند، تشير إلى وجود نية حقيقية لدى الأطراف الفاعلة لتحقيق حل سلمي ودائم للأزمة.

الطريق إلى الاستقرار في ليبيا طويل ومعقد، ويتطلب تنسيقًا مستمرًا بين القوى الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى مشاركة فاعلة من كافة الأطراف الليبية. في هذا السياق، تظل الانتخابات هي المفتاح الأساسي لاستعادة الشرعية السياسية وإنهاء حالة الانقسام. كما أن خروج القوات الأجنبية سيشكل خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار وبناء دولة ليبية قوية وموحدة.

تستمر مصر في لعب دور محوري في الأزمة الليبية، ساعية إلى دفع عجلة الحل السياسي ومساعدة الليبيين على استعادة دولتهم. وفي ظل تزايد الدعوات الدولية لإنهاء التدخلات الأجنبية وإجراء الانتخابات، يبدو أن الأفق بات أكثر وضوحًا نحو حل مستدام يقوده الليبيون بأنفسهم، بما يحفظ وحدة وسيادة بلدهم.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24