تتعدد المزارات السياحية والأثرية في محافظة السويس.. تلك المدينة الصغيرة التي لم يتخط عدد سكانها المليون نسمة ولكنها تمتلئ بالأماكن الجميلة، هذا بجانب أهميتها الاقتصادية للدولة المصرية.

ونتحدث اليوم عن أحد الأماكن الشهيرة بالسويس وهو قصر شحاته سليم الذي يقع بشارع الجيش، عند تقاطع شارعى 23 يوليو وخالد بن الوليد، ليكون أحد التحف المعمارية التى تحمل قيمة فنية وثقافية، فيظهر الإبداع فى بناء القصر ونقوشه الجميلة بما يحويه من تماثيل فنية رائعة، وزخارف معمارية بطابع أوروبي.

ولد شحاتة سليم باشا عام 1895 لإحدى العائلات العريقة بمحافظة السويس، وعمل فى مجال النقل البحري من خلال توريد واستيراد مخلفات السفن، حتى أصبح أحد أشهر أعيان السويس بالقرن الماضي، واشتهر بحبه للعمل الخيرى، فكون مجموعات خيرية من أبناء السويس بغرض جمع التبرعات من الأعيان والأغنياء، وإعادة توزيعها على الفقراء دون تحقيق أى عوائد أو أغراض شخصية.

أُسس قصر شحاتة سليم باشا عام 1928 من خلال الاستعانة بعدد من المعماريين والفنانين الإيطاليين ليتخذ طابع العمارة الإسلامية، فيتكون القصر من طابقين وحديقة واسعة، ويحاط بسور من الحديد الخالص الخالى من اللحام، وهى الطريقة التى يتميز بها كل من الإيطاليين والفرنسيين، والتي تم إنشاء برج إيفل فى فرنسا وكوبرى إمبابة فى القاهرة على غرارها.

يقع أسفل شرفات القصر الرئيسية تمثالين أساسين لنسرين مجنحين كبيرين يوحيان بمدى جمال وحرفية الجهود الفنية الدقيقة المستخدمة فى بناء القصر.

ويحتوى القصر على العديد من العناصر المعمارية والزخرفية الأوروبية البارزة، ومن بينها الفرنتونات والأعمدة الأيونية الطراز وزخرفة الزوايا، والأسنان، والدرع، وزخرفة البيضة والسهم، والتي تمثل أحد أنواع الزخرفة الأغريقية، وتتميز واجهات القصر الخارجية بوجود مجسمات لطائر ناشر جناحيه على نوافذ الطابق الأرضى .

ويشتمل القصر على زخارف نباتية وإسلامية وقبطية وتم صنع الأرضيات وسلالم الدور الأرضى من الرخام، والعلوى من الخشب مع درابزين من النحاس الخالص، الذي تم صناعته بالاعتماد على مجموعة من التقنيات الدقيقة والمتطورة .
أنشا شحاتة سليم القصر وفق نمط البناء البغدادلي من خلال عدم الاعتماد على الخرسانات أثناء عملية البناء، مع تأسيس الأسقف و الأبواب من الخشب، و تضمين أعمدة من الرخام فى المساحات الواسعة بصورة تدعم الأسقف، مع وضع صرة من الزخارف النباتية فى كل غرفة من غرف القصر .

كما تم تزيين الأسقف بزخارف من الجبس من خلال الاستعانة بمجموعة من الفنانين الإيطاليين المهرة، ورغم اندثار النمط البغدادي الآن، وعدم توارثه كفن معمارى أصيل، إلا أنه كان الطابع المعمارى السائد فى حى الغريب والسلمانية ومنطقة كفر كامل ومنطقة الخور والأربعين، قبل تدمير معظم منازل أحياء السويس أثناء العدوان الإسرائيلى على مصر.

ويتميز القصر بالكثير من التفاصيل الرائعة واحتوائه على الكثير من النوافذ التى تسمح بدخول ضوء الشمس لجميع أجزاء المزار السياحى، لتجعله يتمتع ببيئه صحية و خالية من الرطوبة، مع صنع كل أرضيات الدور العلوى من الخشب الأرو والزان، وصنع المقابض من النحاس الخالص، إلا أنه وبعد وفاة شحاتة سليم باشا بسنوات قامت نقابة العاملين بالبترول باستخدام القصر فى تنظيم دورات فى الثقافة العمالية، وقامت إحدى شركات البترول عام 1960 بشراء القصر من ورثته، وتم تجهيزه كمقر لإقامة المناسبات وممارسة الرياضة لنقابة العاملين بالشركة، ليستمر بقاء القصر حتى يومنا هذا خالداً بذكراه وجماله وعراقته مدونا أحداثه على صفحات التراث والتاريخ، و قابعاً بأصالته عند مدخل شارع الجيش بمحافظة السويس .

احد جنبات القصر

النسر المجنح

طراز معماري مميز للقصر

قصر شحاته سليم

سلم قصر شحاتة سليم

قصر شحاتة سليم من الداخل

قصر شحاتة سليم

قصر شحاتة سليم