الحجيلان: ترجمة لقاء للملك عبد العزيز أول درس سياسي تلقيته - بوابة نيوز مصر

الشرق الأوسط 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تم الاعلان من ساعات عن تفاصيل الحجيلان: ترجمة لقاء للملك عبد العزيز أول درس سياسي تلقيته - بوابة نيوز مصر ومن خلال موقعنا نيوز مصر سوف نعرض لكم الان التفاصيل الكاملة حول الحجيلان: ترجمة لقاء للملك عبد العزيز أول درس سياسي تلقيته - بوابة نيوز مصر وذلك من خلال السطور القليلة التالية.

لسنوات تزيد على العشر، ظلت الأوساط الثقافية والإعلامية السعودية والعربية تتداول قرب صدور مذكرات رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان.

لم يأتِ هذا الاهتمام من فراغ؛ فالرجل أحد أبرز وجوه الدبلوماسية السعودية، وهو خدم في ديوان وزارة الخارجية يوم كان مقرّها في جدة قبل أن تنتقل إلى العاصمة الرياض عام 1984، ثم في سفارتيها لدى إيران وباكستان. وعُيّن مديراً عاماً للإذاعة والصحافة والنشر، قبل أن يعود إلى الخارجية بصفته أول سفير للسعودية في الكويت، ثم أصبح أول من حمل لقب وزير الإعلام في السعودية. تولى بعدها وزارة الصحة، ثم السفير السعودي لدى ألمانيا وفرنسا، وبعد ذلك بات أول سعودي يتولى منصب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي.

الحجيلان عاصر جميع ملوك السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى اليوم، ترجم لهم وحمل رسائلهم وكلفوه المهمات، وحضر في معيتهم القمم والاجتماعات، فسمع ورأى وشهد وشاهد، ووثَّق في مذكراته - التي تنفرد «الشرق الأوسط» بنشر فصول منها وستتوفر في جناح «شركة رف للنشر» بمعرض الرياض الدولي للكتاب بعنوان «جميل الحجيلان: مسيرة في عهد سبعة ملوك» - حوادث ومواقف وتفاصيل تنشر للمرة الأولى موثّقة مراحل من تاريخ السعودية السياسي والإداري والاجتماعي، وراصدة تحولاتٍ مرّت بها المنطقة ودولها خلال قرن من الزمان. إنها تجربة جيل وتاريخ أجيال فرّغ فيها الشيخ جميل ما اختزنته ذاكرته من ذكريات ومواقف وما حوته مكتبته من ملفات.

تكمن أهمية هذه المذكرات في اختلافها عما سبقها من سير ومذكرات المسؤولين السعوديين تحديداً؛ كونها أتت موثّقة لكثير من المواقف والحوادث المحلية والإقليمية خلال مائة عام، ومفصّلة لخلفياتها وشارحة لأسبابها ونتائجها، مِن شاهد لم يعاصرها فحسب؛ بل شارك في أحداثها، فجاءت سيرة رجل وتاريخ دولة.

النشأة القومية ونادي «البعث»

يذكر الحجيلان أن ولادته كانت في دير الزور (يناير/ كانون الثاني 1927) لأسرة مغتربة (من عقيلات القصيم)، وظروف أسرته في ظل غياب والده المستمر بسبب كثرة ترحاله ثم زواجه الثاني واستقراره في القاهرة، وتولي والدته وجدته تربيته. يتحدث عن دراسته الأولى في سوريا والنشأة القومية تحت الاحتلال الفرنسي ومشاركته في الاحتجاجات التي تناهض الاستعمار، والتحاقه في المرحلة الإعدادیة بـ«نادي الثقافة» ذي الاتجاه «البعثي».

وعن ذلك يقول: «لم یكن المنتسبون للنادي، بالضرورة، أعضاء في حزب البعث، فقد كنا في عمرٍ لا نعي معه من السیاسة إلا شعاراتها القومیّة. كنا نردِّد هذه الشعارات بحماس مُلْتهب، مأخوذین بأحلام الوحدة العربیّة، التي سكنت ضمائرنا، وجعلنا منها صوتاً من أصوات التحدي للوجود الفرنسي في سوریا. كانت نداءات البعث، كما فهمناها، نحن الطلبة، تعبیراً عن التصدي للاحتلال الفرنسي لسوریا، فلم نكن قادرین على فهم التنظیر العقائدي للحزب».

خطاب لمؤسس «الإخوان» وغداء مع الشيوعيين

تتطرق المذكرات إلى انتقاله لمصر (1944) ودراسته والحياة فيها إبان الحكم الملكي، ومعايشته وجيله لنكبة 1948، مروراً بتأثره بالتيارات السياسية على اختلاف اتجاهاتها، من حضوره خطاباً لحسن البنا، مؤسس «الإخوان المسلمين»، في مقرّ الجماعة، ثم تناوله الغداء مع أعضاء في الحزب الشيوعي السوداني. يعرج كذلك على الهزات السياسية التي مرّت بها مصر في أربعينات القرن الماضي، وظهور مواهبه الكتابية والشعرية والخطابية، حتى حصوله على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول (1950).

الحجيلان في المدرسة المتوسطة (إلى اليمين) ثم في الجامعة

«الخارجية» في جدة والجامعيون الخمسة

يصوّر الحجيلان في مذكراته وصوله إلى وطنه للمرة الأولى مطلع عام 1951 والتحاقه بالعمل ملحقاً دبلوماسياً في مقرّ وزارة الخارجية بجدة، وكيف اصطحبه وكیل وزارة الخارجیة السید طاهر رضوان، إلى قصر خزام في جدة صباح الثلاثاء 2 ینایر 1951، للسلام على الأمیر فیصل بن عبد العزیز، وزیر الخارجیة، ليوقّع الأمير فيصل في اليوم التالي، قراراً بتعیینه ملحقاً دبلوماسیاً ثانیاً في وزارة الخارجیة، براتب قدره ثلاثمائة وخمسة وثمانون ریالاً.

لم یكن عدد موظفي الخارجية یتجاوز الثلاثین موظفاً، بینهم خمسة جامعیین فقط. ويصف الحجيلان مقر وزارة الخارجیة الذي كان في بدايته مبنى متواضعاً مكوناً من دورین، أبعاده أربعون في ثلاثین متراً لا تحیط به حدیقة أو أرض فراغ (يقصد بيت باطويل في حي العمارية بجدة)، وفي الدور الأرضي سبع غرف تشغلها إدارات المراسم، والشؤون القنصلية، والترجمة، والملفات، والمؤتمرات، والشؤون الإداریة، وناسخو الآلة. وفي الدور العلوي مكتب وكیل الوزارة، والمكتب الخاص والبرقیات وصالون لاستقبال السفراء. هذا ما كان علیه مقر الوزارة حتى عام 1954.

في جدة، بدأ الحجيلان ينشر مقالات في جريدة «البلاد» السعودية ويكتب قصصاً قصيرة للإذاعة. ويورد في المذكرات ذكر بعض زملائه في الدراسة والعمل آنذاك كأحمد زكي یماني، وعبد الرحمن البیز، ومقبل العیسى، وناصر المنقور، وعبد الرحمن أبا الخیل، وإبراهیم العنقري، ومحمد الفریح، وعبد الرحمن المنصور، ومصطفى طیبة، وهاشم الدباغ، وأحمد صلاح جمجوم، وعمر السقاف، ومأمون قباني وعبد الله الجلاجل، وغيرهم.

القوميون العرب في السعودية

في مذكراته، حاول الحجيلان شرح أسباب تأثر كثير من المسؤولين السعوديين في تلك المرحلة بالأفكار القومية، وأحال ذلك إلى دراستهم في جامعات تنمي الفكر العربي القومي ومعايشتهم استعمار أكثر البلاد العربية والواقع العربي المليء بالضياع والانكسارات. ووصف إلى أي مدى هدّت نكبة 1948 جيل طلائع الخريجين الأوائل، الذي كان مزهواً بتعليمه، وعددهم لا يتجاوز 15 جامعياً. يقول: «لقد هدّتنا الهزیمة العربیة في فلسطین، وضعضعت كل ما استقر فینا من موروث الزهو بتاریخنا».

مثلت النكبة علامة فارقة في وعي الحجيلان وجيله (أ.ف.ب)

وكيف أنهم قرروا المبادرة بإنشاء ما أسموه «مدرسة الثقافة الشعبية» لتثقيف المجتمع من خلال محاضرات مفتوحة في التاریخ، واللغة الإنجلیزیة، والعملیات البنكیة والأدب العربي، يتناوب على إلقائها أولئك الجامعيون، كل في اختصاصه، وكان لها فرعان، واحد في مكة والآخر في جدة.

قصة لقاء للملك عبد العزيز

بيد أن الموقف الأهم في هذه المرحلة من تاريخ الحجيلان، كما ذكر في مذكراته، هو قيامه بالترجمة بين الملك عبد العزيز ووزير خارجية إسبانيا روبرتو خوزیه أرتاخو في الرياض (أبريل/ نيسان 1952). فاللقاء، كما يتذكر الحجيلان، «كان أول درس في سیاسة بلادي الداخلیة والخارجیة أتلقاه بانبهار، من رجل یتحدَّث التاریخ عنه بانبهار، من ملك قاد مسیرة التوحید والبناء، وأرسى نهجاً سیاسیاً حكیماً لدولة ظلت في قلب الأحداث، ملتزمة بالثوابت التي أرساها الملك عبد العزیز».

ويروي وقائع ذلك اللقاء قائلاً: «قال عبد العزیز - والذاكرة ضنینة بكل ما اختزنته عن ذلك اللقاء - إننا أمة كرَّمها الله بالإسلام، أقمنا علیه وجودنا أساساً للحكم والحیاة، نرید أن نكثر من الأصدقاء، ونتحاشى العداوة أو الخلاف مع الآخرین وليس لنا مطمع في أرض أو مال أو جاه. فبلادنا والحمد لله واسعة شاسعة والخیر عندنا بفضل الله كثیر. وفوق هذا وذاك، شرّفنا الله بخدمة الحرمین الشریفین، وهو شرف لا یضاهیه شرف آخر. وعلاقتنا بإخواننا العرب والمسلمین هي أن نناصرهم إن كانوا مظلومین ونعینهم بالرجوع إلى الحق إن كانوا مخطئین. نحترم حقوق الجوار، ونلتزم بالعهود والمواثیق، لا نتدخّل في شؤون الآخرین، كما لا نقبل أن یتدخّل أحد في شؤوننا».

الحجيلان مترجماً خلال لقاء الملك عبد العزيز ووزير الخارجية الإسباني في أبريل 1952

ويضيف: «مرّت لحظة صمت عابرة أعقبها الملك عبد العزیز بقوله: هناك مسألة تؤلمنا وتوجع قلوبنا، وهي أحوال إخواننا في المغرب العربي. إنهم یعیشون مقهورین في دینهم، وفي لغتهم، وحیاتهم، ورزقهم، بفعل الاستعمار الفرنسي لبلادهم، إن هذا أمر لا یرضي الله. ولا یتحمله إنسان، ومن الخیر لفرنسا أن ترفع یدها عن هذه البلاد العربیة المسلمة، وتتركها وشأنها، وإلا فإن شعوبها ستنفجر وتثور على هذا الظلم، وأنتم لستم غریبین على هذه القضیة، ویجب أن نتعاون معكم في ذلك. وإذا صممت هذه الشعوب على الخلاص مما هي فیه من ظلم واستكبار، فلن یقف في وجهها شيء، والمثل عندنا یقول: العزم أبو اللزم أبو الظفرات، والترك أبو الفرك أبو الحسرات».

كان الملك عبد العزيز حریصاً على أن يحسن الحجيلان ترجمة هذا المثل، «وعندما لاحظ السرعة التي أتیت بها على ترجمته - وكنت معداً نفسي لذلك - سألني: هل ترجمته یا ولدي؟ فقلت: نعم، طال عمرك!». كان الملك «ظاهر التأثر» في حدیثه عن هذه القضیة، «وعلا صوته بعد أن كان هادئاً خفیضاً، وكان یعلم، وهو یحدّث وزیر خارجیة إسبانیا، أن بلاده أیضاً قد وضعت یدها، تطاولاً وعدواناً، على جزء من التراب المغربي. لم ینس الملك عبد العزیز، صاحب الرؤیة العربیة الإسلامیة الشاملة، ما كان یعانیه إخوانه في المغرب العربي، ولم تشغله همومه العربیة القریبة من دیاره، عما یجري في دیار إخوانه الآخرین. وكان حدیثه في ذلك جوهر اللقاء مع الوزیر، مبتدأه ومنتهاه. لقد صحّت نبوءة الملك عبد العزیز وصدقت رؤیته لمستقبل الأحداث في المغرب العربي، عندما انتفضت شعوبه تزیل عن صدرها أثقال حكم الطغاة، في معارك التضحیة والفداء».

عشاء في الظلام!

يتذكر الحجيلان أن الأمير سعود، ولي العهد آنذاك، استقبل الضيف الإسباني وأقام له حفل عشاء في قصر الحمراء في الریاض، الواقع في محیط الجوار من قصر المربع، حیث كان یقیم والده الملك عبد العزیز. وهناك رأى الحجيلان الأمیر سعود بن عبد العزیز ولي العهد للمرة الأولى. رافق الأمير سعود ضیفه إلى قاعة الطعام لتناول العشاء، وأثناء العشاء هطل مطر قوي، انقطع معه التیار الكهربائي، وغرقت قاعة الطعام في الظلام، ليتصایح الخدم: الإتریك، الإتریك! (كشاف الضوء)، في حين مضى ولي العهد وضیفه في حدیث ودي عن تاریخ العرب في الأندلس.

ودفعاً للحرج الذي قد یكون شعر به ولي العهد، قال الوزیر الإسباني بصوت قوي یحاول اختراق الظلام: «إننا نفرح كثیراً بهطول المطر في جنوب إسبانیا، وتستقبله النسوة الإسبانیات بالأهازیج. فالمطر مفجّر لخیرات الأرض، ومولّد لبهجة الحیاة. وأنتم أیضاً یا مولاي، كما نسمع، تحبون المطر، وتفرحون لنزوله». أجابه ولي العهد: «نعم نفرح لنزوله. قدومكم إلینا يا معالي الوزیر، قدوم خیر علینا».

تحوّل (قصر الحمراء) في مطالع الستینات مقراً للأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتحوَّلت قاعة الطعام، تلك، مكاناً لانعقاد جلسات مجلس الوزراء، ليعود الحجيلان لها، لكن هذه المرة عضواً في مجلس الوزراء للمشاركة في اجتماعاته في هذه الغرفة.

رسالة سوفياتية ودعوات شيوعية في طهران

انتقل الحجيلان للعمل في السفارة السعودية في طهران (يونيو/ حزيران 1953)، وكانت زيارة الملك سعود لإيران (يوليو/ تموز 1955) الحدث الأبرز خلال مدة عمله هناك، وتولى الترجمة بين الملك سعود والسفير السوفياتي في طهران الذي أبدى رغبته في لقاء الملك ونقل رسالة من القيادة السوفياتية. واسترعى انتباهه في طهران الدعوات التي كانت تصله من سفارات الدول الشيوعية: «لاحظنا، زوجتي وأنا خلال عملي في طهران من دون أن ندرك في حینه الهدف من وراء هذه الظاهرة أن معظم الدعوات التي كانت ترد إلینا ممن هم في مراتبنا هي من دبلوماسيي دول أوروبا الشرقیة مثل یوغسلافیا، تشیكوسلوفاكیا، هنغاریا، بلغاریا، بولندا ورومانیا.

الحجيلان متحدثاً عن مذكراته لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: محمد عثمان)

كانت هذه الدول التي انهارت أنظمتها المَلكیة باجتیاح الاتحاد السوفیاتي لها، في طریق زحفه لألمانیا المنكسرة، قد تحوَّلت جمهوریات ذات أنظمة شیوعیة تدور في فلك موسكو. وفي أعوام الخمسینات من القرن الماضي تعزَّز الوجود الدبلوماسي الخارجي لهذه الدول وحرصت، بإیعاز من موسكو، أن تولي اهتماماً خاصاً لتعاملها مع العالم العربي.

كان یُعرض علینا بعد العشاء في سفارات هذه البلدان أفلام سینمائیة قصیرة عن مكاسب شعوبها بانصهارها في نظام شیوعي، (هدم الحواجز وأقرَّ مبادئ العدالة والمساواة بین المواطنین)، وأفلام وثائقیة أخرى عن بطولات الشعب الروسي خلال حصار الألمان لمدینتَي ستالینغراد، وموسكو وغیرهما. لم یكن هذا النشاط الدبلوماسي الممنهج مجهولاً لدى أوساط الأمن في إيران. كان حزب توده الشیوعي أقوى الأحزاب الیساریة الإیرانیة الخفیة والمعلنة منها، ویتلقى تعلیماته من سفارة الاتحاد السوفیاتي في طهران».

زيارة أیزنهاور لباكستان وسؤال الملك فيصل

انتقل الحجيلان للعمل في السفارة السعودية في كراتشي (أغسطس/ آب 1956) وأصبح القائم بالأعمال بعد مغادرة السفير عبد الرحمن البسام، وحدث أن زار الرئیس الأميركي الجنرال دوايت أیزنهاور باكستان في ینایر 1958، والتقى الرئیس الباكستاني أیوب خان. كانت الزیارة حدثاً سیاسیاً كبیراً، فبادر الحجيلان بكتابة تقرير رسمي ورفعه مباشرة للأمیر فیصل، وزیر الخارجیة آنذاك، فرد عليه بالشكر، وتمنى «لو تضمّن الخطاب معلومات عن المحادثات التي جرت بین الرئیسین».

ويذكر أنه حينما عُيّن الشيخ محمد الحمد الشبيلي سفيراً سعودياً لدى باكستان، كتب إلى الملك سعود وولي العهد الأمير فيصل «یوصیهما بموظف واعد كفؤ اسمه جمیل الحجيلان»، ولا ينسى الحجيلان فضله عليه، كما يذكر الدور الحاسم لصديقه الشیخ عبد العزيز بن إبراهيم بن معمر، المستشار المقرّب من الملك سعود الذي رشحه على مسؤوليته لدى الملك، كما لعب دوراً حاسماً - وفقاً للحجيلان - في تعیینه وغيره من الوزراء والمسؤولين في التشكيل الحكومي (ديسمبر/ كانون الأول 1960) أو ما عرف وقتذاك بـ«وزارة الشباب» والتي شُكلت برئاسة الملك سعود، وكان أكثر أعضائها من جيل الشباب. جاء ذلك التغيير الوزاري إثر استقالة ولي العهد الأمير فيصل من رئاسة الحكومة.

أول سفير سعودي في الكويت

في سبتمبر (أيلول) 1962، كان من المقرر أن يكون جميل الحجيلان عضواً في الوفد السعودي الذي كان يرأسه إبراهيم السويل لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إلا أن برقية عاجلة وردت من الديوان الملكي تستدعي الحجيلان بشكل عاجل إلى الطائف. وعند وصوله إلى قصر الحوية، بُلّغ بالأمر الملكي بتعيينه سفيراً لدى الكويت.

بدأت مسيرة الحجيلان الدبلوماسية في الكويت وامتدت علاقته بها حتى تقاعده (أ.ف.ب)

يقول الحجيلان عن ذلك: «على أني لم أتبیَّن دواعي الاستعجال لرجوعي والعدول عن انتدابي إلى نیویورك، إلا بعد أن علمت من الأوساط العلیمة في الدیوان الملكي السعودي الوجه الخفي لموجبات هذا الاستدعاء العاجل، وهو أنه كان یمثل بریطانیا، دولة الحمایة في الكویت، حاكم سیاسي اسمه السير جون ريشموند، ورغبت بریطانیا في أن یكون مندوبها أول من یقدم أوراق اعتماده لأمیر الكويت الشیخ عبد الله السالم الصباح؛ كي تكون لها عمادة السلك الدبلوماسي في الكویت، وهو الموجود فعلاً في الكویت والقائم بمهمة تمثیل بلاده؛ وذلك أخذاً بالعرف الذي یمنحه الأفضلیة على غیره من السفراء. إلا أن الشیخ عبد الله السالم لم یستحسن هذه المبادرة من بریطانیا، ورأى فیها أمراً لا یلیق بالكویت وهي تبدأ عهداً جدیداً في تاریخها العربي، وكان للسعودیة أیضاً في الكویت قبل استقلالها تمثیل تجاري (شبه قنصلي) یرعى مصالحها، ومصالح رعایاها تقوم علیه أسرة سعودیة - كویتیة هي أسرة آل النفیسي.

وتأسیساً على هذه الاعتبارات، جرى التفاهم بین الشیخ عبد الله السالم والملك سعود على أن تبادر السعودیة لاختیار سفیر لها على نحو عاجل، وتبعث به إلى الكویت كي یكون أول من یقدم أوراق اعتماده من السفراء، وتكون، بذلك، عمادة السلك الدبلوماسي في الكویت للسعودیة».

مهمة سياسية - إعلامية في الكويت

في الكويت، عايش الحجيلان الأزمة العراقية - الكويتية، لكن التحدي الأكبر كان إيصال الصوت الإعلامي السعودي للرأي العام الكويتي، خصوصاً في ظل التحامل الإعلامي الناصري على السعودية، وهو ما ازداد مع الانقلاب على الحكم الإمامي في اليمن (سبتمبر 1962).

الستینات كانت عقد التوتر في العلاقات العربیة - العربیة (غيتي)

كان ولي العهد الأمير فيصل قد عاد نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية (مارس/ آذار 1962) ثم شُكّل مجلس الوزراء برئاسته (أكتوبر/ تشرين الأول 1962) مع احتفاظه بحقيبة الخارجية. لم تكن قد استُحدثت وزارة الإعلام وكان وزير الدولة الشيخ عبد الله بلخير يشرف على المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر.

يتذكر الحجيلان أن «أعوام الستینات كانت أعوام التوتر في العلاقات العربیة - العربیة، كانت السعودیة، في موقف المواجهة مع الیسار. وكان الإعلام، ولیس المدفع والقذیفة، سلاح تلك المواجهة». في الكويت، كان الحجيلان يرصد ردود الفعل حول انقلاب اليمن ويرفع التقارير لوزير الخارجية، مبيناً أن إعلام الرئيس المصري جمال عبد الناصر «أعلى صوتاً وأبلغ أثراً وأكثر قدرة على الهیمنة على المشاعر، والعقول، وترسیخ ما یدعو إلیه من فكر سیاسي».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق